باهظة الثمن ومعقدة ويصعب إصلاحها.. فشل المسيّرات الأميركية يدفع أوكرانيا إلى البديل الصيني

قدمت شركة Skydio الأميركية، المئات من أفضل طائراتها المسيرة إلى أوكرانيا في إطار تصديها للغزو الروسي، ولكنها فشلت في إنجاز مهامها القتالية، ما حطم آمال الشركة في أن ترفع شارة “خضعت للاختبار في المعركة” من مبيعاتها، ودفعت كييف إلى نظيراتها الصينية الأقل كلفة. 

ووصف مسؤولون تنفيذيون في الشركات المنتجة للطائرات المسيرة وأوكرانيين يقاتلون على الجبهة ومسؤولون حكوميون سابقون في وزارة الدفاع الأميركية، الطائرات المسيرة المصنوعة في أميركا بأنها “تميل إلى أن تكون باهظة الثمن ومعقدة ويصعب إصلاحها”، وفق ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال“.

وطلبت أوكرانيا آلاف المسيرات الجديدة من طراز Skydio X10، التي تحتوي أيضاً على جهاز لاسلكي يمكنه تغيير الترددات من تلقاء نفسه بمجرد تعرض إشارته للتشويش الناجم عن التداخل الإلكتروني، كما تمتلك المسيرة الجديدة “قدرات ملاحة أفضل” ما يُمَكنها من التحليق على ارتفاعات عالية من دون الاستعانة بنظام تحديد المواقع العالمي “GPS”.

لكن هذه الأخبار كانت “سيئة” بالنسبة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، التي تحتاج إلى إمدادات من آلاف المسيرات صغيرة الحجم، ما صعب حصول أوكرانيا عليها.

ونظراً لغياب الحلول القادمة من الغرب، بدأت أوكرانيا في اللجوء إلى المنتج الصيني الأرخص ثمناً، لتعويض أسطولها من المسيرات.  

ووجد المسؤولون الأوكرانيون أن المسيرات المصنوعة في الولايات المتحدة، ضعيفة وغير قادرة على التغلب على التشويش الروسي وتكنولوجيا التعتيم باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي “GPS”.  

وفي بعض الأحيان أثبتت المسيرات الأميركية أنها غير قادرة على الإقلاع أو إكمال مهامها أو العودة، كما أنها غالباً ما تفشل في تغطية المسافات المعلنة، أو تحمل الحمولات الكبيرة.

ولا يسمح برنامج وزارة الدفاع الأميركية، الذي تم تدشينه في عام 2020، للمساعدة في بيع المسيرات التي تنتجها الشركات الناشئة للجيش الأميركي للشركات بتحديث برمجياتها من دون الحصول على موافقة حكومية، ما يمكن أن يؤدي إلى “ترك المسيرات المصنوعة وفقاً للوائح الأميركية نهباً لأساليب الهجوم السيبراني والحروب الإلكترونية المتطورة”.  

وأشار تقرير “وول ستريت جورنال” إلى أنه رغم طوفان رأس المال الاستثماري، الذي تم ضخه في الشركات الناشئة في محاولة لبناء طائرات مسيرة صغيرة تعمل بالذكاء الاصطناعي، أملاً في بيعها للحكومة الأميركية، إلا أن هذه الشركات ركزت بالأساس على المسيرات التجارية التي يمكن بناؤها بوتيرة أسرع وبكلفة أقل من المسيرات العسكرية التي تنتجها شركات تقليدية متعاقدة مع البنتاجون. 

وفي هذا السياق، قال ميكولا بيليسكوف، كبير المحللين في منظمة Come Back Alive الأوكرانية، وهي مؤسسة خيرية أمدت الجيش بأكثر من 30 ألف مسيرة، إن المسيرات الأميركية القتالية الصغيرة “تعاني قصوراً في التطوير”.  

وأوضح المسؤولون التنفيذيون في شركات تصنيع المسيرات الأميركية للصحيفة أنهم لم يتوقعوا نشوب حرب إلكترونية في أوكرانيا.  

وفي حالة Skydio، فقد صممت الشركة طائرتها المسيرة في عام 2019، لتلبية معايير الاتصال المحددة من قبل الجيش الأميركي، فيما قال العديد من التنفيذيين في الشركات الناشئة الأميركية إن القيود الي تفرضها الولايات المتحدة على مكونات الطائرات المسيرة واختبارها تحد من إمكانات منتجاتهم وسرعة إنتاجها. 

وقال جورجي دوبينسكي، نائب وزير التحول الرقمي الأوكراني، وهي الوكالة المنوط بها الإشراف على برنامج المسيرات في البلاد، لـ”وول ستريت جورنال”، إن القيود باتت مشكلة في المعارك التي خاضتها المسيرات التي تتطلب أحياناً تحديثات على أساس يومي.

وأضاف أن “ما يحلق اليوم لن يكون قادراً على التحليق غداً”، مشدداً على ضرورة التكيف مع التكنولوجيات الناشئة سريعاً، لأن دورة الابتكار في هذه الحرب قصيرة.  

تحديات روسية

وبعد أقل من شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ فبراير عام 2022، وافق “البنتاجون” على توريد طائرات بدون طيار من طراز Switchblade 300 من شركة AeroVironment، ومقرها فرجينيا.  

وواجهت مسيرات Switchbalde تحديات أولية في مواجهتها مع أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية، وفقاً لما قاله جندي أميركي سابق، كان يعمل في مجال المسيرات في أوكرانيا.  

وقالت الناطقة باسم AeroVironment إن “التشويش الروسي أثر على جميع المسيرات، مشيرة إلى أن شركتها قامت بتحديث مسيراتها للتعامل مع هذا التشويش”.  

ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لشركات أخرى مثل Velos Rotors الأميركية اليونانية، وCyberlux، ومقرها نورث كارولاينا.  

لكن رغم ذلك، حققت المسيرات الأميركية نجاحات لا يمكن إغفالها، إذ ساعدت اللقطات المصورة التي التقطتها مسيرات Skydio التحقيقات الأوكرانية بشأن “جرائم الحرب الروسية المزعومة”، بما في ذلك “الهجوم على المدنيين وإحدى المنشآت النووية”، وفقاً لمكتب المدعي العام الأوكراني. 

كما تم نشر نحو 60 مسيرة من شركة Brinc، ومقرها سياتل، للقيام بمهام بحث وإنقاذ واستطلاع عن الروس داخل المباني، ولكن الشركة الناشئة غير متأكدة من رغبتها في الدخول في الصناعة الخاصة بخوض الحروب.  

الصين بديل أميركا

ودفعت الحقائق على الأرض، أوكرانيا إلى إيجاد سبل للحصول على عشرات الآلاف من المسيرات إلى جانب مكونات هذه المسيرات، من الصين، إذ أثبتت شركة DJI الصينية أنها العلامة التجارية المفضلة لدى الجيش الأوكراني في مجال المسيرات.

وقالت الشركة في بيان إنها تحاول تقييد استخدام مسيراتها في الحروب، ولكنها لا تستطيع التحكم في طرق استخدام الطائرات المسيرة بعد بيعها، وذكر البيان أن “DJI تأسف وتدين بشدة استخدام منتجاتها بما يسبب ضرراً في أي مكان في العالم”. 

ووصفت الولايات المتحدة DJI بأنها “شركة عسكرية صينية” و”أداة مراقبة لبكين”، وهو ما نفته الشركة بشدة، فيما لجأ “البنتاجون” إلى حظر مسيرات DJI في الجيش الأميركي، كما سيحظر تشريع في الكونجرس منتجات DJI الجديدة في الولايات المتحدة.  

وفي بيانها، وصفت DJI الحظر المقترح بأنه “مدفوع سياسياً”، وأنه نتاج “ضغوط تمارسها شركات المسيرات الأميركية للقضاء على المنافسة”.  

وتستهلك القوات الأوكرانية نحو 10 آلاف مسيرة شهرياً، وهو ما لا يمكنها تحمله إذا اضطرت إلى شراء طائرات مسيرة أميركية باهظة الثمن، إذ تتكلف العديد من المسيرات التجارية الأميركية عشرات الآلاف من الدولارات أكثر من المسيرات الصينية.  

ويستخدم الجيش الأوكراني المسيرات الصينية الجاهزة للاستخدام، وتحديداً من شركة SZ DJI Technology. إضافة إلى ذلك، فقد طورت أوكرانيا صناعة مسيرات محلية تعتمد على المكونات الصينية، وفقاً لتقرير “وول ستريت جورنال”.  

وتنتج المصانع الأوكرانية مئات الآلاف من المسيرات الصغيرة وقليلة الكلفة والقادرة على حمل متفجرات، كما تنتج مسيرات أكبر حجماً، يمكنها التوغل والضرب في عمق أرض الأعداء والوصول إلى السفن الروسية في البحر الأسود.  

المصدر: الشرق نيوز