
تسلّمت مصر الدفعة الأولى من مقاتلات J-10CE الصينية، في خطوة تمثل تحولًا نوعيًا في استراتيجيتها للدفاع الجوي، وتعزز توجهها نحو تنويع مصادر التسليح. وقد أكد المحلل العسكري “هﻮﺭﻳﻦ” هذه الصفقة عبر منصة “X”، والتي تأتي بعد أشهر من تقديم مصر طلبها الأولي في 19 أغسطس/ آب 2024.
تعكس هذه الخطوة مدى عمق التعاون العسكري بين القاهرة وبكين، في ظل القيود التي تفرضها كل من الولايات المتحدة وأوروبا على تزويد مصر بأسلحة متطورة.
تُعد J-10CE مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5، الأمر الذي يعزز من تفوق مصر الجوي. فهي تتمتع بقدرات قتالية تضاهي مقاتلات F-16، كما أنها مزودة بصواريخ PL-15 جو-جو بعيدة المدى، القادرة على استهداف أهداف على مسافة تصل إلى 300 كيلومتر خارج مدى الرؤية.
تمنح هذه القدرات مصر ميزة استثنائية في اعتراض الطائرات والتهديدات الجوية قبل دخولها إلى مجالها الجوي.
وتُسهم هذه الصفقة في توسيع أسطول المقاتلات المصري ليشمل أربع دول مُصدِّرة هي: الولايات المتحدة، وفرنسا، وروسيا، والصين، مما يقلل من اعتماد القاهرة على مورد واحد فقط، وهو عامل حاسم في ظل القيود الجيوسياسية المفروضة على تسليحها.
وقد مرّ تحديث سلاح الجو المصري بمراحل عديدة على مدى العقود الماضية. فمنذ اعتمادها تاريخيًا على مقاتلات الحقبة السوفيتية مثل MiG-17 وMiG-21، والتي لعبت دورًا محوريًا في حرب 1973، ثم إضافة مقاتلات MiG-23 إلى ترسانتها بعد الحرب، وصولًا إلى التحول نحو مقاتلات F-16 الأمريكية عقب توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979، والتي جعلت القاهرة واحدة من أكبر مشغليها على مستوى العالم.
إلا أن رفض الولايات المتحدة تزويد مصر بصواريخ AIM-120 AMRAAM، قد حدّ من قدرات القتال الجوي خارج مدى الرؤية، مما وضعها في موقف غير متكافئ أمام أسلحة جوية متقدمة كما هو الحال في كل من إسرائيل وتركيا ودول الخليج، والمجهزة بمقاتلات F-15 وF-35.
وفي عام 2015، اشترت مصر 24 مقاتلة رافال فرنسية، تبعتها 30 أخرى عام 2021، لتصبح بذلك ثاني أكبر مُشغِّل للرافال بعد فرنسا نفسها. ومع ذلك، فرضت باريس قيودًا على صواريخ Meteor بعيدة المدى، مما حدّ من نطاق عملياتها.
وفي أعقاب ذلك، لجأت مصر إلى روسيا، حيث اشترت 46 مقاتلة MiG-29 مزودة بصواريخ متطورة للقتال خارج مدى الرؤية. كما سعت القاهرة للحصول على مقاتلات Su-35، لكن تحذيرات واشنطن من أن المضي قدمًا في الصفقة قد يضر بالعلاقات العسكرية بين البلدين، دفع مصر إلى إلغائها.
هذا، وقد استكشفت مصر أيضًا إمكانية الحصول على مقاتلات F-15، لكن العرض الأمريكي تضمن نسخة محدودة الإمكانيات. وعوضًا عن ذلك، عرضت واشنطن تحديثًا لمقاتلات F-16 المصرية، لكنه لم يلبِّ التطلعات.
وفي هذا السياق، جاء قرار مصر بشراء مقاتلات J-10CE الصينية في أغسطس/ آب 2024 كتحوّل استراتيجي. ويتيح هذا التوجه للقاهرة تقليل مخاطر حظر السلاح مستقبلًا أو القيود المحتملة. وتوفر J-10CE ميزات متقدمة في الرادار، والمناورة، وأنظمة الصواريخ، مما يمنح سلاح الجو المصري ميزة دفاعية جوية.
ومع استمرار تحديث القوات الجوية في المنطقة، تمثل هذه الصفقة بداية مرحلة جديدة لمصر، بما يضمن قدرتها على حماية مجالها الجوي دون قيود خارجية.