تشير تقييمات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والتقارير الإخبارية الواردة من أوكرانيا إلى معاناة القوات الروسية من مشاكل معنوية كبيرة، وهو العامل الذي من المرجَّح أن يقوض إرادة الجنود الروس في القتال، حسب مجلَّة “ناشونال إنترست” الأميركية.
هذا ما أورده كريس أوزبورن محرر شؤون الدفاع في مجلة ناشونال إنترست، لافتا في البداية إلى ما قاله وزير القوات الجوية الأميركية فرانك كيندال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه ربما “بالغ في تقدير قدرات جيشه”.
وعلى عكس المدافعين الأوكرانيين الذين يقاتلون من أجل وطنهم يقاتل الروس بناء على أوامر عليا تدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم لأسباب من غير المرجح أن تكون مهمة للغاية بالنسبة لهم، وفقا لتقرير أوزبورن.
وإدراكا للتأثير المتوقع لهذا العجز المعنوي على أداء الجنود الروس قد يثير البعض ما يبدو أنه سؤال “عادل ومناسب” حسب أوزبورن، أي “هل بالغ العالم في تقدير القدرات العسكرية لروسيا؟”.
وأضافت المجلَّة أنه لا تزال قافلة القوات الروسية الضخمة المتجهة نحو كييف متوقفة، كما يكافح الجيش لمعالجة النكسات الكبيرة في الخدمات اللوجستية، فضلاً عن تعرض آليات حماية القوات الروسية للتحدي من خلال الكمائن الأوكرانية التي دمَّرت مركباتها القتالية في عدة نقاط الرئيسية.
وعلاوة على ذلك -يقول أوزبورن- تتعرض آليات حماية القوات الروسية للتحدي من خلال الكمائن الأوكرانية التي دمرت المركبات القتالية الروسية في نقاط الاختناق الرئيسية، في الوقت الذي يرى فيه العديد من المراقبين أن الروس ربما استخفوا بالعزيمة والبراعة القتالية والقوة الهائلة للجيش الأوكراني، بل يبدو أيضا أن قوة الجيش الروسي ربما كان مبالغا فيها إلى حد كبير، وفقا للكاتب.
وأشارت المجلَّة إلى أنه عندما سُئل المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي عن سبب عدم قدرة روسيا على استخدام ترسانتها الضخمة من الطائرات لتحقيق التفوق الجوي، قال إن تنسيق موسكو الجوي – الأرضي لم يكن فعالاً بشكل كبير، مؤكداً أن سماء أوكرانيا لا تزال “مُتنازعاً عليها”، وذلك بعدما أثبتت أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية كفاءتها وفعاليتها.
وتساءلت المجلَّةُ عمَّا إذا كانت روسيا تمثل مجرد قوة من ورق؟ قائلة إنه على الرغم من استخدامها لما يصل إلى 12 ألف دبابة، فإن العديد من هذه الدبابات تنتمي لحقبة الحرب الباردة، ولذا فهي لا تتمتع بأجهزة الرؤية الحرارية المتقدمة، ولا الأسلحة وأنظمة القيادة والسيطرة اللازمة لتدمير الدبابات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الحديثة.
ورغم أن بوتين تبجح بأسلحة روسية يفترض أنها تعمل بسرعة تفوق سرعة الصوت ورغم أن وسائل إعلام روسية مملوكة للدولة روجت أكثر من مرة لتجارب وتقنيات عسكرية روسية وكذلك للطائرات المقاتلة الروسية من طراز “سو-57” من الجيل الخامس وتحدثت عن الدبابة الروسية المتطورة “تي-14 أرماتا” الجديدة فإن الكاتب يرى أنه بغض النظر عن التطور النسبي أو التفوق المحتمل لهذه الأنظمة هناك معادلة “أرقام” بسيطة يجب مراعاتها.
ولتوضيح ذلك، يقول الكاتب إنه وفقا لوسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية فإن لدى الجيش الروسي حوالي 12 طائرة من طراز “سو-57” وعدد أقل من “تي-14 أرماتا”.
وحتى لو افترضنا أن هذه الدبابات تتمتع بنفس القدرة التي تدعيها روسيا فسوف يفوقها عدد دبابات الناتو المطورة في أي اشتباك كبير، وهذا هو نفس الحال بالنسبة للطائرات المقاتلة المتطورة.
ويضيف الكاتب أن ثمة انطباعا لدى الكثير من المحللين بأن القوات البحرية والجوية الأميركية تفوق نظيرتها الروسية، وكان الشائع بينهم أيضا أن تفوق روسيا إنما هو في قواتها البرية، ومع ذلك: هل تكشف حرب روسيا على أوكرانيا أن القدرات القتالية البرية المتكاملة لروسيا والتي كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنها نموذجية قد تمت المبالغة فيها بشكل كبير؟
هذا ما يرى الكاتب -انطلاقا من حديث كيندال- أنه ربما يكون صحيحا، وينقل عنه في هذا الصدد قوله “لقد استخف بوتين بشدة برد الفعل العالمي الذي قد تثيره حرب روسيا على أوكرانيا، كما أنه قلل بشدة من إرادة وشجاعة الشعب الأوكراني، علاوة على مبالغته في تقدير قوة جيشه، ولعل الأهم من ذلك كله أنه قلل بشدة من رد الفعل من جانب كل من الولايات المتحدة ومن أصدقائها وحلفائها”، على حد تعبيره.
ناشونال إنترست
قم بكتابة اول تعليق