علي الهاشم – باحث ومختص بمجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية
في خضم مساري المهني في مجال الطيران، خلال فترة نهاية التسعينيات، قمت بتطوير تكتيك هجوم خاطف مفترض يعتمد على استخدام مقاتلات “ميغ-29 فولكروم”.
تتضمن هذه الاستراتيجية التكتيكية للهجوم بواسطة مقاتلات “فولكروم” تحليقها على ارتفاع منخفض للغاية وبسرعات تقترب من سرعة الصوت. يتم إغلاق فتحات دخول الهواء الرئيسية للمحركات بشكل كامل، حيث يتم الاعتماد على الفتحات الثانوية في الجزء العلوي من الهيكل. تتميز مقاتلات “فولكروم” بهذه الميزة المبتكرة التي تساهم في تقليل البصمة الرادارية للمحركات. ينجم عن اصطدام موجات الرادار بالمراوح الدوارة للمحركات ارتداد راداري كبير، مما يسمح بالكشف المبكر عن الهدف.
ذكر الطيار الروسي السابق أناتولي كفوتشور أن طيار “ميغ-29” يمكنه إغلاق تلك الفتحات أثناء الطيران إذا لزم الأمر أو اكتشف وجود سرب من الطيور، حتى عند السرعة القصوى التي لا تتجاوز 850 كلم/ساعة.
فيما يتعلق بتكتيك الهجوم الخاطف، قمت بتوجيه الطيارين المهاجمين (بشكل افتراضي) لاستخدام أجهزة الكشف والتتبع العاملة بالأشعة تحت الحمراء والمزودة في في مقاتلات “فولكروم”، وذلك بإغلاق أنظمة الرادار للحد من البصمة الرادارية والحرارية للمقاتلة المهاجمة.
لقد استغربت بشدة أثناء قراءتي لكتاب الطيار الروسي السابق ألكسندر زوييف، حيث قام بالهروب بمقاتلة “ميغ-29” إلى تركيا في عام 1989. وأفاد زوييف أن الاتحاد السوفيتي قد قام بتنفيذ تكتيك مشابه في عام 1987 خلال تدريبات عسكرية روتينية، وأظهرت النتائج نجاحه ضد قدرات حلف “الناتو”. وبما أن بعض مقاتلات “ميغ-29” قد تم تعديلها لحمل قنابل نووية تكتيكية ذات قدرة تدمير عالية، فإن طائرات الأواكس ستواجه صعوبة كبيرة في رصد هذه المقاتلات في الوقت المناسب.
أثبت زوييف صحة ذلك عندما قام بالهروب بمقاتلة “ميغ-29” من قاعدته السوفيتية في جورجيا إلى مطار طرابزون في تركيا. استغرقت الرحلة أقل من نصف ساعة، حيث انخفضت المقاتلة إلى ارتفاع منخفض جدًا يقل عن 100 قدم (حوالي 30 متر)، وتحركت بسرعة تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة. ولم يتم رصد الطائرة من قبل الاتحاد السوفيتي أو حتى أقوى أنظمة الرادار التابعة لحلف الناتو في ذلك الوقت، مما يُظهر خطورة هذا التكتيك إذا تم تطبيقه على أرض الواقع.
أطلقت على تكتيكي المذكور أعلاه اسم “قوة الفولكروم” أو “A force of Fulcrums”.
والنتيجة الرئيسية لهذا التكتيك هي أنه باستخدام تشكيلة من مقاتلات “ميغ-29 فولكروم” المملوكة لأوكرانيا، وبإجراء تعديلات طفيفة عليها من قبل حلف الناتو، مثل تجهيزها بمنصات أو حاويات للتشويش الإلكتروني من صنع غربي، يمكن تعزيز قدرات المقاتلة ومنحها القدرة على تنفيذ هجمات وطلعات جوية فعالة ضد قوات روسيا، بنفس فاعلية مقاتلات F-16، خاصةً وأن “ميغ-29” تم تصميمها في الأساس كمنافسة لها.