أشار الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن “إسرائيل عندما بدأت المرحلة الثالثة من عملياتها الانتقامية في غـ.زة، توجهت إلى الخارج عبر عمليات “الاستهداف الذكي”، الذي يختص بمحور المقاومة بكافة ساحاته من كرمان في إيران، وصولاً حتى الضاحية الجنوبية. وهذا الاستهداف لم يكن بمعزل عن ردود قوية في اليمن، العراق أو لبنان. وثبت أن هناك تنسيقاً و”وحدة ساحات”، خاصة في لبنان، حيث أن الردود على الاستهداف الإسرائيلي تدرج تحت عنوان إطالة أمد الحرب، والتفلت من قواعد الاشتباك ولكن ضمن ما يسمى “توسعة بنك الأهداف” دون توسعة الحرب”.
وعليه، أكد ملاعب أنه من غير المنتظر توسيع الحرب، لتصبح حرباً مفتوحة. وهكذا فعندما قصفت “صفد”، فإن “حزب الله” لم يتبن العملية، لكنه لم ينفها أيضاً، وهذا ما أربك العدو، حيث وصلت صواريخ المقاومة إلى القيادة الشمالية الإسرائيلية، وأحدثت أضراراً كبيرة، دون أن تطلق صفارات الإنذار، تمهيداً لانطلاق “القبة الحديدية” بشكل آلي.”
وأضاف: “من يستطيع التشويش على صفارات الإنذار والوصول إلى مقر قيادة عسكرية، فلا يمكن أن يكون مداه أوسع، ويضرب في أماكن “موجعة” أخرى، ولذلك كان الرد في الغازية، حيث ادعى الإسرائيلي أنه قصف بنية تحتية للحزب.”
وتابع: “أن يبدأ الإسرائيلي بقصف أماكن صناعية ضمن بيئة الحزب، فهذا يدل على أن العدو لا يمتلك بنك أهداف قوياً.”
وأوضح العميد ملاعب أنه “إذا عدنا إلى طريقة تعامل النازحين من الجنوب، فإننا لم نسمع أي ضغط على الحزب، أو صوتاً يرفض ما يقوم به، رغم أن هؤلاء قد دمرت بيوتهم وممتلكاتهم ومرزوعاتهم. في المقابل، فإن “النازحين” من شمالي فلسطين المحتلة، يشكلون يومياً وسائل ضغط على قياداتهم السياسية والعسكرية. ولكن البيئة الجنوبية يبدو أنها أعدت لصراع طويل. كما أنه من المفيد لفت النظر إلى أن الحزب بعد 140 يوماً على جبهة طولها 100 كلم، لم يستنفد سوى 10% من قواه، ونوعين أو ثلاثة من الصواريخ، فهذا يعني انه لا زال لديه بنك أهداف وأسباب صمود قوية، و أن المرحلة طويلة، والحزب أعد لها العدة اللازمة. وقد بدأ العدو يحسب لما هو أخطر من التراشق المدفعي والصاروخي، وهذا ما يؤشر له استقدام أربع فرق، والتدريب على مناورات تحاكي ما يمكن أن يسمى اختراق اسرائيلي والقتال في أماكن وعرة”.
أردف:”هنا، يمكن وضع عنوان أن استعداد الفريقين وطول النفس لديهما عسكرياً، مضافاً إليه توسعة بنك الأهداف… كل ذلك يعني ان الفريقين بانتظار أي حل سياسي، وهذا يمكن تسميته”إشعال النار تحت الحل السياسي”. لأن لا أمل للإسرائيلي إذا قام بأي مغامرة، كونه يعرف الرد تماماً، وكذلك فإن الحزب، رغم استعداده للمعركة الطويلة، فإنه فقد عنصر المناورة التي كان قد أعد لها في القتال في الجليل الأعلى، خاصة أمام الاحتياطات الإسرائيلية”.
بالعودة إلى الدبلوماسية والسياسية، يلاحظ ملاعب ان “الدبلوماسيين الغربيين الذين تقاطروا إلى لبنان، لم يوفقوا لأنهم تبنوا وجهة النظر الإسرائيلية فقط، وحسناً فعل لبنان، بإعلانه الجهوزية لتطبيق الـ1701، من خلال العودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وبالتالي يمكن “عزل لبنان عن محور المقاومة، ولكن هذا يقتضي أن نعود الى ما يريده الإيرانيون والأميركيون: فالإيراني يقوم بد ور دبلوماسي قوي مصحوب برسائل عسكرية، والأميركي يفسح المجال لإسرائيل ولم يتكلم عن وقف أي دعم لها، مقابل أن يحصل على ضمانة مستقبلية لإسرائيل. وهذا يقتضي جلوس الفريقين الإيراني والأميركي على الطاولة، ولكن يمكن أن يكون متأخراً إلى ما بعد الانتخابات الأميركية”.
المصدر: حدث أونلاين