د. غادة عامر – وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث جامعة بنها
لقد بدأ تحالف الابتكار مع الحروب منذ قرون، حيث تغيرت طريقة الحروب بناء على الابتكارات العسكرية، ابتداء من المقاليع الخشبية إلى القنابل النووية، ولقد أدركت الدول الكبرى أهمية الابتكار في المجال العسكري منذ فترة كبيرة، فهذه الدول أدركت أنه عند نشوب حرب بين دولتين، يكون النصر في معظم الاحيان حليف الدولة التي تملك التكنولوجيا المتقدمة، ولذلك أصبح لديهم قناعة تامة أن بقاء دولهم يعتمد على التكنولوجيا التي يستخدمها الجيش في الحرب. والان ومع اجتماع الحكومات في الأمم المتحدة في جنيف للمرة الخامسة لمناقشة أنظمة الأسلحة القتالية المستقلة المعتمدة على الروبوتات (LAWS) و”الثورة التكنولوجية في الحروب” ، أصبح شبه مؤكد أن آلات القتل الآلية هي أقرب من أي وقت مضى إلى الانتقال من عالم الخيال العلمي إلى العالم الحقيقي، وأنها قريبا جدا سوف تنتشر في ساحات القتال. فهؤلاء القادة لا يجتمعون من أجل شيء خيالي، ولا لكي يعملوا لنا إرهاب نفسي او حرب نفسية كما يتصور بعد المسؤولين في عالمنا العربي، ولكن لدعم ما قاموا به فعليا.
وما يؤكد أن الامر أصبح واقعا، أن الاجتماع الأخير كان لمناقشة حقائق المضاعفات والنتائج التي سوف تجلبها هذه الأسلحة، وما هي القوانين التي يجب وضعها للتعامل معها. ولقد أشارت صحيفة الجارديان إلى أن أميركا تشجع الابتكار في هذا المجال ، لكن آخرين – بما في ذلك مجموعة من الدول التي تقودها فنزويلا تسعى إلى تنظيم أو حظر هذا النوع من الاسلحة كليًا، حيث تخشى مثل هذه الدول خروج الجني من الزجاجة عند تطبيق الذكاء الاصطناعي على أسلحة الحرب التي تملكها الولايات المتحدة وبعض الدول المتقدمة الأخرى .لذلك اسمحوا لي ان نستعرض بعض الابتكارات التكنولوجية التي نوقشت وسوف تشكل حروب المستقبل.
“إنترنت الأشياء في المعركة”، نشر الدكتور ألكساندر كوت من مختبر أبحاث الجيش الأمريكي مؤخرًا مستندًا حول السيناريوهات المستقبلية لـ “إنترنت الأشياء القتالية” والتي تحتوي على مجموعة واسعة من الأنظمة والاسلحة الذكية المتصلة بشبكة خاصة تمكنها من الهيمنة في ساحة المعركة. وهذا ليس مختلف كثير عن تقنية الحرب المتوفرة اليوم، مثل أجهزة الاستشعار الأرضية غير المراقبة، والصواريخ الموجهة والطائرات بدون طيار، ولكنها سوف تشمل ايضا الروبوتات من تلك الصغيرة مثل الحشرات إلى المركبات الكبيرة التي تحمل القوات والإمدادات. ويشير التقرير إلى أن وظائف هذه المعدات ستكون متنوعة، من الذخائر المصممة لفرض التأثيرات الفيزيائية أو السيبرانية وصولًا إلى الوظائف الحسية للرؤية أو الاستماع. وإنه سوف يكون هناك نوع جديد في المجال السيبرانية ، عباره عن كيانات ذكية ذاتية الحكم تزحف على الشبكات لحماية الاتصالات أو الدفاع عن الأنظمة من الهجمات السيبرانية، في حين أن البعض الآخر قد يتضمن إنشاء خداع معلوماتي أو تشويش او تمويه كهرومغناطيسي. بل وذكر التقرير ان هذه الكيانات سوف يعملون كمحللين للوضع ومستشارين لقرارات الإنسان العادي والآلي. بالإضافة إلى ذلك ، قد تتخذ الروبوتات أيضًا وظائف أكثر حزماً ، مثل تنفيذ إجراءات تدمير ضد أنظمة العدو الالكترونية .
أما عن حروب الروبوت، والتي تعني أن الروبوتات ستكون هي الجنود والتي يمكنها التعرف على الوجه او الزي للكشف عن الفرد وسحب الزناد بمجرد ان يوضع على قائمة العدو. ولقد كان ستيفن هوكينغ وإيلون موسك من بين أكثر من 1000 شخص وقع على طلب قدم للحكومة الامريكية يطالب بحظر استخدام الأسلحة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في عام 2015. ولقد كتب في الطلب ان هذه الأسلحة قد تكون خالية من الأخطاء البشرية ، ولكنها قادرة على ارتكاب أخطاء كارثية خاصة بها. كما أكد الطلب انها مصدر قلق حقيقي ، حيث يمكن أن تقتل الآلات يومًا بمبادرتهم الخاصة من خلال خوارزميات تجعلهم يتعلمون ذاتيا!
طبعا هذه قلة من مكونات حروب المستقبل، فهناك اسراب الطائرات بدون طيار المتناهية الصغر، إلى الأسلحة الذكية مثل الرصاص الذاتي الموجه التي صممته وكالة الدفاع الأمريكية لمشاريع البحوث المتقدمة (darpa) لمتابعة وضرب الهدف المتحرك والقنابل الذكية التي توجه نفسها نحو الأهداف باستخدام أجهزة الاستشعار والكاميرات، إلى أجهزة التعذيب باستخدام الواقع الافتراضي، التي تستخدم للحث على أنواع معينة من العواطف يمكن أن تسبب الألم النفسي، و أيضا يمكن استخدامها لمحاكاة ألم حقيقي أو إغراق السجناء في الكوابيس الحية، كنوع من التعذيب. إلى الإبداع السيكولوجي الآلي والذي يجري تطبيقه للتنافس على القدرة العقلية الناعمة في عالم الإنترنت ، و التي تركز بشكل خاص على بث الأخبار الوهمية التي تؤثر على الرأي في منصات وسائل الإعلام الإجتماعية مثل تويتر وفيسبوك، إلى الهيبرسونيك التي تمكن الطائرات أو الصواريخ الانسيابية من الطيران بسرعة “أكبر من 5 ماخ” وهذا يمكن ان يغير إلى الأبد قدرة ردع الصراع والاستجابة له. إلى أسلحة الدمار الشامل البيولوجية التي يمكنها ان تمحو مناطق بأكملها عن طريق تركيب القذائف أو الأجهزة المتفجرة المحملة بنسخ متقدمة من الفيروسات مثل فيروس زيكا، او تغير جينات الكائنات الحية الفردية وذريتها مثل البعوض القاتل لتدمير المحاصيل بأكملها ، أو الفيروسات التي تهاجم الحمض النووي البشري لإلحاق الضرر بأمة بأكمها وعمل التغيرات الجينية في الأجيال المقبلة فيها.
كل هذا ومازال البعض يقول لي هذا كلام خيالي وغير حقيقي، ولا داعي للقلق نحن في أمان وإنها مجرد حرب نفسية والأمر في دولنا بأنظمتنا القديمة تحت السيطرة !!!!!!
قم بكتابة اول تعليق