القاذفات الاستراتيجية .. رمز الهيمنة الأمريكية (الجزء الرابع)

القاذفات الاستراتيجية .. رمز الهيمنة الأمريكية
القاذفات الاستراتيجية .. رمز الهيمنة الأمريكية

علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية

لا شك أن عنصر الخفاء يكسب المرء قدرات لا متناهية، وعنصر المفاجأة وعدم التوقع بالنسبة للخصم لكن ورغم ما تتمتع به قاذفة القنابل B-2 من قدرات على الخفاء وعدم التعرض للكشف من قبل أعتى الرادارات الحالية، لكن ذلك سيصبح من العهد الماضي مع مرور الوقت والتطور السريع في الالكترونيات والرادارات العسكرية، وبالتالي لا بد من تطوير وسيلة مضادة للكشف أو وسيلة أخرى للتغلب عليها. مما قد يشكل خطرا محدقا بقوتها الاستراتيجية من الطائرات القاذفة حتى تلك الأحدث في ترسانتها وهي B-2، ولذلك فإن القاذفة الجديدة ستكون قادرة على التصدي لمثل هذه التحديات من خلال تجهيزها لم تكن معهودة من قبل الأمر الذي سيعزز من دور الهيمنة الذي تتمتع به قوة القاذفات الاستراتيجية للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أعمال التطوير الجارية حاليا في مجال الطائرات المقاتلة غير المأهولة فان القاذفة البعيدة المدى الجديدة ستكون مأهولة، لكنها في الوقت نفسه يمكن لها العمل بغنى عن طياريها إذا ما اقتضت الحاجة أو طبيعة المهمة القتالية، حيث يشكل قصور العامل البشري عائقا نحو تنفيذ المهام الطويلة المدى، وبالتالي قد تعمل القاذفة تلك على مدار الساعة أوتوماتيكيا ويكون طياروها في غرفة تحكم على الأرض وهذا سيكون خرقا تكنولوجيا بحد ذاته.

بدأ الحديث عن خليفة للقاذفة B-2 الخفية و القاذفة B-1B التكتيكية عام 2003 وسرعان ما اخذ هذا المشروع يترعرع في عام 2008 لتبدا معه قصة قاذفة القنابل بعيدة المدى المستقبلية.

عرف مشروع هذه القاذفة بـ B-3 في اول الأمر حيث اعتقد المتابعون والمختصون بمجال الطيران العسكري ان ما دام هناك قاذفات تحمل الرمز B-1 و B-2 فلابد وان تكون القاذفة التي تأتي بعدها تحمل الرمز B-3  وظل الأمر كذلك حتى العام 2016 حينما صرح قائد سلاح الجو الأميركي السيدة ديبورا لي جيمس ان القاذفة الجديدة باتت تحمل الرمز B-21 واللقب Raider اي المغير وان السبب في اختيار الرقم 21 هو للدلالة على انها في القرن الواحد والعشرون. وقد فازت شركة نورثروب غرومان بهذا المشروع مقصية كلا من تحالف بوينغ مع لوكهيد مارتن وذلك لتقديمها نموذجا مطابقا ولكن ببعض التعديلات للقاذفة الشهيرة والغريبة الشكل B-2 الحالية.

ستصمم الـ B-21 وفق معايير جديدة كليا و ستكون مزودة بتكنولوجيا عالية التطور بعضها سيحتوي على مدافع ليزر وميكروويف عالي الطاقة لتدمير الأجهزة والدوائر الكهربية في الرادارات والمركبات وحتى الصواريخ المعادية.

ويتوقع أن تحتوي على تكنولوجيا خفاء فائقة التطور مثل CUSTOM CAOTINGS فمعظم الصبغات التي يتم طلاء القاذفات والمقاتلات الخفية بها الحالية ذات القدرة على امتصاص موجات الرادار تحتوي على برادة الحديد معجونة داخلها وهي ثقيلة وبالتالي تزيد من الوزن الذي ينعكس سلبا على استهلاك الوقود كما أنها كابوس من ناحية الصيانة وتتاثر بتقلبات وعوامل الطقس لكن مؤخرا قامت شركة Ceno Technologies وهي شركة متخصصة بالمواد الفائقة الدقة والصغر بابتكار طلاء خاص يتكون من دقائق الخزف (السيراميك) المجوفه عالية الخفة والمتانة ومقاومة لعوامل الطقس والحرارة يتم طلاء القاذفة B-21 بها وقد أطلق على هذا الطلاء cenospheres وهي سهلة الاستخدام كما يمكن أن تمتزج مع مركبات الكربون مما يجعلها ماصة فائقة لموجات الرادار الأمر الذي يعزز من قابلية القاذفة الجديدة على التخفي عن اعتى أنواع الرادارات الحديثة.

كما وستحمل القاذفة B-21 في طياتها صواريخ جو – جو للدفاع عن نفسها من طراز “امرام” الى جانب مركبات مسيرة عن بعد وأخرى لتضليل الرادارات.

يمكن اعتبار القاذفة B-21 الجديدة منصة قتال عالية التفوق وكأنها بارجة سماوية او حتى مركبة من عالم آخر. ويتوقع أن تدخل الخدمة في العام 2025 وان لا تتجاوز كلفة الواحدة منها نصف مليار دولار وسيتم طلب 100 قاذفة منها فهي أصغر حجما من القاذفة B-2 لكنها أكثر مرونة وحداثة منها.

وبهذا يتبين مدى ما لقاذفات الولايات المتحدة من تأثير معنوي (سياسي) قبل أن يكون مادي فبمجرد التلويح بها لأي قوة معادية حتى تصاب بحالة من الذعر وإن لم تصرح بذلك، وهذا ما يجعل من سطوة الولايات المتحدة أكثر نفوذا حتى إشعار آخر.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*