سفينة الدورية البحرية (ADKG) وطرادات “بي-إن ميلغم” (PN MILGEM)؛ مشروعان عملاقان تم تطويرهما بناءً على المعرفة المكتسبة من طرادات فئة “آضا (ADA)”، والتي طورها مهندسون أتراك كنموذج أولي ل “بي-إن ميلغم” مكسبين إياها طابع المحلية والجنسية في الوطن الأزرق.
ومن المفترض أن تعزز هذه المشاريع العملاقة من الهيمنة التركية في البحار بينما تتقدم خطوة بخطوة وفق جدولها الزمني.
كما أن إنشاء مرسى الغواصات الفريد من نوعه في العالم بمميزاته الخاصة، ووضعه تحت تصرف القوات البحرية التركية من ضمن انجازات هذا المشروع…
هذه قصة نجاح مشروع أسفات التي تعمل تحت شعار “من يعمل بحبٍ لا يتعب”…
تلقى مشاريع شركة “أسفات” التابعة لوزارة الدفاع التركية تقديراً كبيراً في قطاع الصناعة الدفاعية، حيث استطاعت الشركة التي أنهت للتو عامها الخامس في مجال الصناعة الدفاعية أن تدخل قائمة “Defense News Top 100” بأعمالها في وقت قصير.
كما تحمل مشاريع المنصات البحرية القتالية الرئيسية التابعة لـ “أسفات” وجهودها في البناء والتطوير المحلي والوطني في هذا المجال أيضًا أهمية بالغة، بل وباتت بمثابة نقطة قوة لتركيا. وبفضل هذه الجهود؛ أصبحت تركيا من بين الدول القليلة في العالم التي يمكنها إنتاج السفن الحربية.
تستطيع “أسفات” تلبية الاحتياجات المختلفة للقوات البحرية التركية بمزيج من تصميمات السفن الحربية المنتجة وطنياً، مضيفة عليها طابعاً محلياً ووجهات نظر مبتكرة؛ وقدمت ولا تزال أداءً نادراً بالنسبة لما يُرى في العالم من خلال إظهار قدرتها على بناء ست منصات قتالية رئيسية في وقت واحد في بلدين مختلفين.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسليم مرسى الغواصات الأول من نوعه الذي دخل سلاح البحرية التركية بداية عام 2023 في الوقت المحدد. كما وتستمر المنصات البحرية الأخرى في العمل وفق جدول العمل دون أي انقطاع رغماً عن الظروف الوبائية ومشاكل الإمدادات المحيطة بالعالم.
وبينما تستمر العمليات التجريبية، بدأت الشركة بتسليم المنتجات التي اكتملت اختباراتها.
الجودة والسرعة: بي-إن ميلغم
صُنعت طرادات “بي-إن ميلغم” كنماذج المحسنة لطرادات فئة “آضا”، وهي سفن حربية متفوقة تم إنشاؤها عن طريق زيادة طولها وعرضها وفقًا لاحتياجات البحرية الباكستانية مع إعادة إجراء جميع الحسابات والتخطيطات.
تم إعادة جميع العمليات التي تخص تصميم السفن. حيث تم إجراء تجارب النماذج وحسابات الطاقة والتحليلات الهيدروديناميكية والاهتزازات والانفجارات واختبارات القوة من الصفر، وتم إعادة حساب قدرات جميع الأنظمة وفقًا للأبعاد المتزايدة. وتم الانتهاء من التصميم ليتصدر مكانه بين الأفضل في العالم حاليًا.
اُعتبر “بي-إن ميلغم” أكبر مشروع تصدير منفرد لتركيا في المجال البحري، فبغض النظر عن البعد الاقتصادي، فقد كان لهذه الاتفاقية أهمية استراتيجية عالية أيضاً.
وبالإضافة إلى مساهمته الكبيرة في العلاقات التركية-الباكستانية، فهو مشروع لديه القدرة على رفع باكستان إلى موقع حاسم ومغير لقواعد اللعبة في مناطق عملياتها من خلال أنظمة الأسلحة الفعالة والمتقدمة التي يحتويها.
ويشكل المشروع إحدى قمم الصداقة التركية-الباكستانية في التعاون الاقتصادي والدفاعي، الذي يمتلك خلفية تاريخية عريقة.
وعند تقييم الموقع المهم للبلدين في السياسة العالمية وقوتهما في العالم الإسلامي معًا، فإن حقيقة أن الدول الرائدة في العالم الإسلامي تحقق المشروع بروح العمل المشترك تضيف أيضًا قوة في الأبعاد الثقافية والاجتماعية.
وتواصل شركة “أسفات” تنفيذ المشروع الذي تعهدت ببنائه إدراكا منها للمسؤولية الوطنية والمهمة التي أوكلها إليها التاريخ، على أكمل وجه وفي أقصر وقت وبأفضل التكاليف، وفقاً للجدول الزمني والخطط المحددة، متحديةً كل السلبيات مثل الوباء الذي أحاط بالعالم أجمع، وانقلاب الموازين الاقتصادية العالمية.
وفي نطاق المشروع، يتم بناء اثنتين من طرادات “بي-إن ميلغم” في مركز بناء السفن في إسطنبول (طرادتي PNS BABUR وPNS KHAIBAR)، بينما يتم بناء اثنتين أخريات منهما في حوض بناء السفن في كراتشي (طرادتي PNS BADR وPNS TARIQ) بعد العقد الموقع في عام 2018.
وحالياً يستمر بناء أربعة من طرادات “بي-إن ميلغم” في وقت واحد بنجاح غير مسبوق نتيجة للجهود المتميزة. وسيبدأ تسليم الطرادات في عام 2023 وفقاً لخطة المشروع.
أكثر من مجرد سفينة!
ولا يقتصر المشروع على بناء 4 سفن فقط؛ بل ويشمل تطوير البنية التحتية في كراتشي لصيانة ومعالجة سفن “بي-إن ميلغم”، وتدريب موظفي حوض بناء السفن في كراتشي في تركيا لإنتاج سفن جديدة وحديثة، ونقل التكنولوجيا ودعم حوض بناء السفن في كراتشي، واكسابهم المواهب لبناء سفن “بي-إن ميلغم”.
من خلال البنية التحتية التي سيتم إنشاؤها في حوض بناء السفن للصيانة والإصلاح، ستتمكن القوات البحرية الباكستانية من صيانة المدافع والأنظمة الإلكترونية والآلات لسفن “بي-إن ميلغم” في كراتشي، كما سيتم إجراء صيانة السفن على مختلف المستويات في هذه المنشأة مع الموظفين المتدربين.
ولمواصلة بناء السفينتين الثالثة والرابعة؛ تم التخطيط لـتدريب 3225 رجلاً من العاملين في حوض بناء السفن في كراتشي، وتم الانتهاء من معظم هذه التدريبات اعتبارًا من اليوم.
وكجزء من المشروع الرئيسي؛ يعد تطوير فرقاطة جديدة مع فريق التصميم التابع للبحرية الباكستانية، وتنفيذ جميع أنشطة هذه الفرقاطة معًا ونقل الخبرة التي اكتسبها المهندسون الأتراك على مر السنين أحد الإنجازات المهمة للجانب الباكستاني.
وتم تطبيق هذه المهارات المكتسبة بنجاح أثناء تصميم سفينة من فئة “جناح”، وتم هذ نتيجة عمل مشترك بين المهندسين الأتراك والباكستانيين.
ولكي تحصل “أسفات” على سمعة ناجحة؛ فهي لا تهدف فقط إلى أن تكون شركة مصنعة تضمن تسليم السفن في الوقت المناسب، بل وتهدف أيضًا لضمان بقاء السفن المسلّمة في حالة تشغيلية عالية.
وبهذا النهج، تم الحد من النقص الهائل الذي تعاني منه العديد من البلدان المهتمة بالمنصات التشغيلية. حيث لا تؤدي “أسفات” لعملائها دور المزود فحسب، بل وتؤدي أيضًا دور الشراكة الإستراتيجية.
من أجل حماية حقوق تركيا ومصالحها في البحار والدفاع عنها بشكل أكثر فعالية، بدأت أنشطة بناء سفن الدوريات البحرية من فئة (ADKG) “هيسار”، والتي بدأ بناؤها بسبب الحاجة إلى سفن الدوريات البحرية في أقصر وقت وبأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة، ويتم المشروع تحت مسؤولية شركة “أسفات”، ويتم تنفيذها من قبل قيادة حوض بناء السفن في إسطنبول.
وفي نطاق هدف إنتاج 10 سفن ضمن نطاق المشروع، سيتم إطلاق سفينتي TCG AKHISAR”” و”TCG KOÇHISAR” كأولى قطع السلسلة في 23 سبتمبر 2023 بعد 17 شهراً فقط من بدايته. كما سيتم تجهيز كلتا السفينتين بمستوى متقدم لتدخلا اختبارات القبول في أقرب وقت ممكن.
يعد إطلاق سفينتين من هذا المستوى في مثل هذا الوقت القصير على نفس الرصيف هو الأول من نوعه بالنسبة لصناعة الدفاع التركية.
وبفضل هيكلها المبتكر والتخطيط النشط وخبرة الإنتاج، تحمل شركة “أسفات” مستوى تركيا إلى أعلى مستوى في السباق الدولي لإنتاج السفن الحربية.
وستؤدي السفن المبنية المهام الأساسية المتمثلة في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والبحث والإنقاذ ومكافحة الإرهاب وعمليات المراقبة البحرية والعمليات البحرية الخاصة؛ كما ستشارك في مهام ثانوية كأنشطة الدعم والتدريب في نطاق العمليات الجوية البحرية، والحرب الإلكترونية والصوتية، والقصف الأرضي، والدفاع ضد التهديدات غير المتوقعة، وحماية النقل البحري، والعمليات البرمائية.
تم تصميم السفن وإنتاجها بناءً على التصميم الخارجي لطرادات فئة “أضا”، مستهدفة التقنيات الأكثر تقدمًا في فئتها وفقًا لاحتياجات القوات البحرية التركية. وتم تنفيذ الحلول المثالية الممكنة في المشروع بعد إعادة إجراء كافة الحسابات الهندسية والتجارب النموذجية، مع مراعاة الظروف المتطورة والمتغيرة. ولأول مرة في تركيا، تم إجراء الاختبارات لمروحة سفينة حربية في المختبرات التركية في هذا المشروع، وتم التحقق من صحّة النتائج بشكل متبادل مع الشركة المصنعة للمروحة.
يتم بناء السفن وفقًا لفلسفة “جاهزة في مكانها” في أمور التصميم، التي ستسمح بإضافة لاحقة لأنظمة الأسلحة وأجهزة الاستشعار الوطنية المطورة حديثًا، ويتم إجراء الحسابات والتحليلات لتغطية كل بديل ممكن حسب نظام “جاهزة في مكانها”.
وبفضل مشروع السفينة المعياري، تم إضافة مرونة كبيرة، خاصة في القدرة القتالية، وتم تحقيق الكفاءة على مستوى متقدم مع بديل المحرك الكهربائي في نظام الدفع الرئيسي. وتم إجراء التصميم الداخلي للسفينة بالطريقة الأنسب لتلبية احتياجات الطاقم ومراعاة المتطلبات والبيئة المريحة.
تم تصميم مشروع سفينة الدورية البحرية ذو الطابع المعياري، للسماح بزيادة حمولة السلاح أو تغييرها عند الضرورة. وتوفر مرونة المشروع في هذه المرحلة الفرصة والقدرة على تلبية هذه الاحتياجات بسرعة في حالة ظهور احتياجات مختلفة. ولضمان ذلك، يتم توفير قدر معين من الطاقة الاحتياطية على السفينة للمناطق والطرق غير الاعتيادية واحتياجات الطاقة الإضافية.
بالإضافة إلى قوتها القتالية المتفوقة بالأسلحة المحلية والوطنية، فإن فئة هيسار توفر ملف تعريف لكل من مهام الاستطلاع الفعال وإنشاء مواقع سيطرة ومكافحة التهديدات غير الاعتيادية بأنظمة الدفع التي تمتلكها، كما ستمكنها من إنشاء مواقع سيطرة فعالة طويلة الأمد. بالإضافة إلى ذلك، تلعب سفن الدوريات البحرية دورًا مضاعفًا لقواتنا البحرية بفضل بأنظمة السونار الوطنية لدعم طرادات فئة “أضا”.
وهكذا، فإن السفن التي ستؤدي واجباتها على أكمل وجه في سبيل الحفاظ على الوجود البحري، ستزيد من قوة مجال البحرية التركية إلى أعلى مستوى في هذا الصدد، ليكون هذا بمثابة فوز صناعي ل “أسفات”.
بالمقارنة مع تصميمات سفن الدوريات البحرية الشائعة في العالم، فإن فئة “هيسار” توفر قوة نارية عالية نتيجة اعتمادها على تصميم الطرادات العام. حيث تم تصميم أنظمة التسليح وأجهزة الاستشعار التي ستستخدمها فئة “هيسار” متبعةً أصول المحلية والجنسية، وستكون على أعلى مستوى من الردع والقدرة القتالية في أوقات السلم والحرب.
ويمكن القول إن استخدام المرافق المحلية والوطنية المذكورة في سفن الدوريات البحرية المبنية بكل هذه المعدات المبتكرة والعالية، يجلب النجاح والثقة بالنفس لبلدنا في مجال الصناعة الدفاعية.
حامية الوطن الأزرق
إن إنشاء “أسفات” لسفينتي الدورية البحرية لصالح سلاح البحرية التركية، وإنشائها لمرسى الغواصات الأول من نوعه الذي تم تسليمه حديثًا، والسفن الحربية الأربعة التي تم إنتاجها ضمن مشروع “بي-إن ميلغم” لصالح سلاح البحرية الباكستانية، وبناء 7 منصات بحرية رئيسية في مدينتين تبعدان مسافة 3900 كم عن بعضها البعض في وقت واحد؛ هو مؤشرٌ على الجهد المضني وشاهدٌ على قصة نجاح نادرة، ويجعل هذا الأمر من الشعب التركي فخوراً ويسمح له بالتطلع إلى المستقبل بثقة.
وباعتبارها واحدة من أهم الجهات الفاعلة في قطاع الصناعات الدفاعية، والتي تنمو وتتطور يومًا بعد يوم في تركيا؛ تقدم “أسفات” مساهمات كبيرة في الرفع من شأن تركيا ومكانتها واقتصادها على الساحة الدولية، خصوصاً مع قوتها الإنتاجية وسرعتها وانضباط العمل الفعال من حيث التكلفة والقدرة على تقديم نماذج أعمال مرنة والعمل بمبدأ محلي مرتفع والقدرة على التصدير إلى الخارج.
وفي نطاق أنشطتها المحلية، تعمل الشركة على تعزيز القوة الفعالة للبحرية التركية من خلال نجاحها في مشروع سفينة الدورية البحرية، ومشاريع مرسى الغواصات التي قامت بتسليمها؛ والتي ستواصل في صناعتها من أجل تلبية طلب سلاح البحرية التركية، وتعزز بذلك هيمنتنا في الوطن الأزرق بكتلٍ حديدية.
مع قدرتها على إنشاء تصاميم مرنة وفقا للتهديدات الناشئة الجديدة والتطورات التكنولوجية، وقصة نجاحها في المشاريع الصعبة والكبيرة الجارية في نفس الوقت، والنماذج الذي تقترحه للعالم في سبيل إضافة ما هو جديد في إنتاج السفن العسكرية، تتجه “أسفات” نحو أهدافٍ جديدة مع هيكلها الشاب والديناميكي بخطوات واثقة.