التّهديد الرّوسيّ النّوويّ.. الورقة الأخيرة في يد القيصر

نسرين شاتيلا

تُعتبر روسيا الدّولة الأولى في قوّة الرّدع النّووي، فترسانتها النووية غير معروفة الحجم، وقوّتها الخفيّة أكثر ممّا يظهر بكثير، وتمتلك روسيا نصف القنابل النّووية الموجودة في العالم، وأكثر من ستة آلاف قنبلة نووية، وأكثر من 1600 رأس نووي نشط.

لم يُلوّح بوتين بقوّة ردعه النّووية عن عبث، بل هو يدري مدى الرّعب الذي يسبّبه سلاحه النووي: برًّا وبحرًا وجوًّا.

من البرّ؛ تشكّل الصّواريخ البالستيّة العابرة للقارّات رعباً عابرًا للقارًات، وهي على منصّات ثابتة ومتحرّكة ومن تحت الأرض. فروسيا تمتلك صاروخ “آر- إس 28 سارمات” الذي يُعرَف بصاروخ “يوم القيامة” الذي تكمن خطورته في نظامه الدّفاعي القادر على ردع أيّ صاروخ معادٍ. كما يستطيع اختراق أيّ نظام دفاعي في العالم.

من الجو؛ تمتلك موسكو أكبر قاذفة نووية استراتيجية ما تعرف بالبجعة البيضاء، وهي تحمل الصّواريخ البالستيّة والمجنّحة المزوّدة بالرّؤوس النّوويّة.

صاروخ سارمات
صاروخ “سارمات”

أخيرًا، من البحر؛ تمتلك روسيا سربًا من الغواصات النووية قادرة على تدمير أيِّ شاطئ تريد، وطوربيدات بوسيدون وهي طوربيدات نووية قادرة على التسلل إلى قاع البحر، وتجاوز الدفاعات الساحلية للأعداء المحتملين، والتسبب في موجات تسونامي إشعاعية.

طوربيد "بوسيدون" المسير النووي الروسي (صورة أرشيفية- روسيا اليوم)
طوربيد “بوسيدون” المسير النووي الروسي (صورة أرشيفية- روسيا اليوم)

في اليوم الخامس من عدوان روسيا على أوكرانيا، وبعد أن أدركت روسيا المأزق الذي وضعت نفسها فيه لا سيما بعد العقوبات الدّوليّة عليها، وتدنّي أو انهيار الرّوبل، وبعد اتخاذ حلف النّاتو والدّول الغربية قرارها بمدّ أوكرانيا بالمساعدات الدّفاعيّة، أمر بوتين وزير دفاعه وقائد الأركان بوضع قوّات الردع الاستراتيجية النّووية في حالة تأهب، فهل باتت الحرب النّووية وشيكة؟ وهل يكون السّلاح النّووي هو أداة الحرب العالميّة الثالثة التي قد تقضي على الحياة كما عهدناها، لا سيّما بعد أن جاء ردّ وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لورديان، حيث لوّح بسلاح بوتين نفسه قائلا: “أعتقد أنّه على بوتين أيضا أن يفهم بأنّ حلف الشمال الأطلسي أيضًا قوّة نوويّة”.

في هذا الصّدد قال الكاتب والباحث السياسي السعودي، يحيى التليدي، لموقع “دفاع العرب” إن روسيا : “أخطأت في تقدير عمليّتها العسكريّة في أوكرانيا.. حيث برزت ردود فعل دوليّة مستنكرة، ومقاوَمَةٌ أوكرانية شرسة زادت من تعقيدات هذا العمليّة العسكريّة وأصبحت تهدّد بتحويل أوكرانيا إلى مستنقع للرّوس”. واعتبر التّليدي أنّ احتمال الهجوم النوويّ الرّوسيّ هو أمر مستبعد، غير أنّه لم يستبعد قيام روسيا بخطوات نووية تكتيكيّة محدودة فقال: “يبقى خيار الاستخدام الموسّع للسّلاح النّووي أمرًا مستبعدًا حتى الآن ولكن لا شيء يمنع من لجوء روسيا إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكيّة مصمّمة للاستخدام في ساحات حرب محدّدة”.

تبقى الصّورة ضبابية في مدى جدّية تهديد بوتين وتلويحه بثالوثه النّووي؛ البرّي، والجوّي، والبحري. فلا يغيب عن بال القيصر أنّ السّلاح النّووي أداة خطرة يمتلكها هو وحلف النّاتو، والضّغط على الزر النّووي له انعكاساته المفتوحة بسلبياتها ودمارها المخيف.